موقــــــــع
    الدكتور جمعة محمود الزريقي


clavier arabe clavier arabe kijd clavier arabe kjd99 clavier arabe عدد الزوار

قصة حرق التسجيل العقاري سنة 1985

       كتبتها سنة 1987 عندما كنت مقيما في مدينة سلا بالمغرب الشقيق ، وأنقلها الآن كما هي دون زيادة أو نقص اللهم إلا تصحيح بعض الأخطاء أو توضيح بعض الأمور في هامش الصفحة .

الحلقة الاولى

الحلقة الثانية

الحلقة الثالثة

   الحلقة الرابعة  [ التمهيد لعملية حرق السجلات العقارية ]

     قصدت من هذا السرد للأحداث والمصاعب إعطاء صورة عن الأسباب التي أدت إلى تشجيع فكرة حرق السجل العقاري ، ذلك لأن الفكرة واردة كما أسلفت منذ السبعينات ، ولكنني عايشت الأحداث بعدها دون أن تنفذ ، ولعل التطورات التي نشأت عن لجان الفصل في التظلمات وقراراتها بإلغاء تمليك بعض الأشخاص لمساكن غيرهم ، زادت من الحماس لدى الثوريين لتطبيق فكرة الحرق ، وهي التي سوف ندخل في تفاصيلها فيما بعد ، ولعل ما حدث في السجل العقاري بطرابلس من تطورات وإجراءات حول تمليك المواطنين للمساكن التي يشغلونها وصدور بعض القرارات بإلغاء التمليك وإعادة ملكية المساكن لأصحابها ، هي التي كانت وراء ذلك ،( يضاف إلى ذلك عزوف بعض المواطنين عن تمليك المساكن التي يشغلونها لأسباب دينية وإنسانية ).

      وربما تم ذلك في بعض الإدارات الأخرى في ليبيا ، فليست لدي معلومات كافية عنها ، كل ما أعرفه أن بها لجانا مشكلة على غرار لجنة التظلمات بطرابلس ، وأنها تسير في إجراءاتها ، أما مدينة بنغازي فقد أخبرني مديرها بأن تطبيق المقولة يتم بطريقة مرضية ، فإدارة التسجيل العقاري ببنغازي لا تملك المسكن لشاغله إلا برضا مالكه وحضوره إلى الإدارة مصرحا بذلك ، حتى لو كان المالك غائبا عن مدينة بنغازي ، وإذا صح هذا الكلام ، فإنهم أشجع منا في هذه المجال ، فنحن لا نملك رفض من يتقدم لتمليك المسكن الذي يقطن فيه ، إلا إذا قدم المالك اعتراضا على التمليك خلال ستين يوما من تاريخ الإعلان عن رغبة الساكن في التمليك . هذه هي الحالة التي سبقت الشروع في تنفيذ عملية الحرق ، لأنها في السابق كانت فكرة فقط ، وربما كانت محاولة في تنفيذها قبل سنة 1982 ، فقد سمعت عن اكتشاف إناء مملوء بالكيروسين وضع خلف مبنى إدارة طرابلس تمهيدا للحرق ولكنه لم يتم ، والحالة العامة لا تعدو عن فوضى ضاربة أطنابها في مجال الإسكان ، فإدارات الإسكان تتكالب على تخصيص مساكن المواطنين لغيرهم بحق وبدون حق ، وكثر السطو على المساكن وخاصة الفيلات التي كانت مؤجرة للشركات والسفارات والأجانب ، حيث يقوم كل من له نفوذ وسلطة بإخراج الشركة من مقرها والسعي لدى أمانة الإسكان بتخصيصه له ، وقد يوفر لها البديل وقد لا يجد ، والبلدية ساهمت أيضا في مجال الأراضي بتخصيصها لمن لهم السلطة والنفوذ من الثوريين وضباط الجيش ، فهي تسير على هذا النحو والمواطن العادي لا علاقة له بما يحدث ، فهو يسمع ويشاهد فقط ويكفيه الحفاظ على مسكنه الذي تحصل عليه بعرق جبينه .

[ الاستيلاء على مكتب التسجيل العقاري بجنزور من أحد الضباط ]

      وقد وصل الأمر بأحد الضباط الذي أعجبه مقر مكتب التسجيل العقاري بجنزور ، رغم أنه ليس سكنا ، بل عبارة عن مكتب مشيد منذ العهد الإيطالي ، ولكنه يقع في مكان مهم وعلى شارع رئيس وسط مدينة جنزور ، ومساحة أرضه تكفي لبناء فيلا ممتازة ، وفوجي رئيس المكتب التابع لإدارتي برسالة موجهة إليه تطلب منه تسليم المبنى والانتقال إلى مقر المجمع الإداري حيث أفرغوا له جناحا خاصا ، فقام بإحالة تلك الرسالة لي وطلب مني التوجيه لأنني رئيسه المباشر ، انتقلت إلى عين المكان لأرى المكان الجديد المخصص للمكتب ، وأفهم السبب وراء ذلك الطلب ، فإذا به مجرد إرضاء لشخص يريد المبنى ليهدمه ويشيد عليه مسكنا مناسبا لسكنه . قمت بالرد على الرسالة بمذكرة ، أوضحت فيها الأسباب التي تمنع من تنفيذ النقل ، وهي أسباب جوهرية دون الإشارة إلى السبب الحقيقي ، وتتلخص في عدم ملائمة المكان الجديد ، ولوقوعه في الدور الثالث من المجمع الإداري ، والمكتب يضم وثائق يجب الحفاظ عليها إضافة إلى خزينة ، غير أنهم يريدون مساعدة ذلك الضابط ، لذلك التجئوا إلى رئيس المصلحة للحصول على موافقته ، أما العبد الله فقد استدعيت إلى جهة معينة التي يتبعها الضابط ، وطلبوا مني الكف عن المعارضة وترك الأمر لمن له الأمر ، وأعلموني بموافقة رئيس المصلحة ، وأنا مرؤوس له فكيف أعارض ، وهذا ما حدث ، رجعت بعدما تلقيت هذا التهديد الشفوي الذي قدم بلهجة مخففة ، أي بلهجة من يريد صداقتي وزمالتي ومعرفتي ومساعدتي ، وأفهمني بأن الموضوع كان سيأخذ شكلا آخر ، ولكن تدخل شخص معين رؤيا استدعائي فقط وحثي على الكف عن المعارضة في نقل المكتب .

     بعد رجوعي من هذه المقابلة التي كانت في مقر قيادة المقاومة الشعبية بشارع الزاوية ، ( وقد عرفت الضابط المخصص له وهو التهامي خالد ) ، فلما وصلت إلى مكتبي اتصل بي رئيس مكتب جنزور ليطلب مني بيان الإجراء الذي يسلكه لأن المسؤولين المحليين في جنزور يطلبون منه إخلاء المبنى والانتقال إلى المقر الجديد ، وأعلمني من خلال المكالمة الهاتفية أن رئيس المصلحة موافق على للانتقال ، فقله له : إذا كان رب البيت بالدف ضاربا ، فلا تلومن أهل البيت على الرقص ، وقلت لنفسي : كفاني ما لقيت في السابق ، ونقل المكتب أسهل من مصيبة أخرى ، والجبن في بعض الأحيان حكمة ، وأعلمت رئيس المكتب بالتصرف ويمكنه الانتقال إذا تم توفير وسائل نقل مع الحفاظ على الملفات والكراسات والأوراق والسجلات العقارية ، وأن يقوم بإعلان الجمهور ، والعمل على حفظ جميع المستندات، والأمر لله من قبل ومن بعد .

[ بعض الضغوط التي مورست ضدي في التسجيل العقاري ]

     هذا مثال بسيط وغيض من فيض عن التصرفات التي تحدث داخل مدينة طرابلس ، كنت أشهدها وأرقبها يوميا ، استدعيت أيضا للجهاز المركزي للرقابة الإدارية في قضايا لجنة الفصل في التظلمات ، ذلك أن بعض المحظوظين الذين تم إلغاء ملكيته طبقا للقانون ، وإعادة ملكية المسكن لصاحبه السابق ، بدلا من التوجه إلى القضاء للطعن في القرار الإداري ( وهو الطريق السليم ) لجأ إلى الرقابة ، فاستدعيت من قبل الجهاز ، وتم التحقيق معي رغم اعتراضي عليه ، ذلك لأنني عندما أفصل في التظلمات أكون قاضيا ، فكيف يحقق مع قاض ولدى مصلحة التسجيل العقاري جهاز للتفتيش ؟ ، فهو الذي يقيّم أعمالي ، أما الرقابة الإدارية فلا دخل لها في أمور قانونية محضة ، والمشكلة أن من يحقق معك في الرقابة ليس قانونيا ، بل موظف عادي أو ضابط شرطة منتدب ، لا يعلم من أمور اللوائح والقوانين السارية في مجال الإسكان شينا ، ومع ذلك تم التحقيق معي ليس بالنظر إلى شخصي الضعيف ، بل للحظوة والمنصب الذي يحتلهما الشاكي ، وفي كل القضايا التي حققت فيها الرقابة الإدارية لم تجد أية مخالفات فتقوم بحفظ الموضوع محل التحقيق . فكان الأجدر بهم توجيه المتظلم إلى القضاء فهو الطريق الطبيعي للطعن في قرارات السجل العقاري ، ولكن الأمور تسير عكس طبيعتها ، حتى القضاء حينما تصدى للقضايا التي رفعت ضد قرارات لجان التظلمات لم يكن حاسما فيها ، لأن من رفضنا تظلمه أو قبلناه ، نقوم بإبلاغ صاحب الشأن بالقرار حتى يتمكن من اللجوء للقضاء ، وفعلا لجأ بعض المواطنين إلى المحاكم وطعنوا في القرارات الصادرة عن لجان الفصل في التظلمات ، تقوم إدارة القضايا بإبلاغنا بالطعن وتطب ردا بالخصوص ، نقوم في الإدارة بإعداد مذكرة شارحة لكل الإجراءات ابتداء من طلب التمليك إلى التظلم والقرار مع إرفاق المستندات الدالة على تلك الإجراءات ، وهي صورة شمسية من كل الوثائق التي قدمها أصحاب الشأن ، قدمت عدة طعون أمام دوائر القضاء الإداري ، وبعد مرور أكثر من شهر قضت الدوائر الإدارية بمحكمة الاستئناف بعدم اختصاصها بنظر الدعوى ، فطعن في تلك الأحكام أمام المحكمة العليا .

     تقدم بعض المواطنين إلى القضاء العادي ، أي أمام المحاكم الابتدائية ، فقضت أيضا بعدم اختصاصها بالنظر إلى أن قرارات اللجنة إدارية وبالتالي يكون القضاء الإداري هو المختص ، وتمسك القضاء الإداري بموقفه ولم يتراجع ، وظل المواطنون في فراغ ، كما استمرت إدارات التسجيل العقاري في إصدار قراراتها في التظلمات التي قدمت لها دون أن تتوصل بأي اجتهاد قضائي يحسم مسالة الاختصاص ، فلو وجد اجتهاد فسوف يساعد رجال القانون والإدارات على تنفيذ القوانين واللوائح بطريقة سليمة ، كما أن المحكمة العليا لم تحسم الموضوع بعد ، ونظرا لذلك قمت بكتابة مذكرة إلى إدارة القضايا ، طلبت فيها العمل على وضع حد لهذا التنازع السلبي ، الذي يعتبر إنكارا للعدالة ، فالعدالة البطيئة من أشد أنواع الظلم كما يقال ، وطلبت من رئيس الإدارة على الأقل عدم الدفع أمام دوائر القضاء الإداري بعدم الاختصاص لعلها بذلك تقوم بالتصدي للطعون المقدمة لها ضد القرارات الصادرة عن لجان الفصل في التظلمات المقدمة ضد تمليك المساكن استنادا إلى مقولة (البيت لساكنه) .

[ بداية التخطيط لحرق السجلات العقاري ]

      هذه هي بعض مشاكل التسجيل العقاري كما عايشتها وعانيت منها والتي أذكرها حاليا ، وأعتقد بأنها كانت عاملا مساعدا على تشجيع فكرة الحرق التي بدأت خطواتها العملية في شهر نوفمبر 1984 م ، حيث استدعيت من قبل أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل ، الأستاذ مفتاح كعيبة بمكتبه في طرابلس ، فحضرت إليه ووجدته يلمح إلى فكرة الحرق دون تصريح ، وهو مشمئز من ذلك ، وطلب مني إعداد مذكرة توضح الأضرار التي ستلحق بالبلاد من جراء إتلاف أو حرق السجلات العقارية ، ولجوء الأستاذ مفتاح إلي وأنا مدير إدارة واحدة في ليبيا التي يوجد بها أكثر من عشرين إدارة للسجل العقاري فيه تجاوز ، وكان الأولى أن يكلف رئيس المصلحة ، فهو المسؤول المباشر أمامه ، ولكنه يعلم بأن رئيس المصلحة غير قادر على مثل هذه الأمور ، وأنا لا استطيع أن أرفض طلبا للأمين آنذاك ، ولكني أعلمت رئيس المصلحة بذلك الموضوع . بعد نقاش مع الأمين حول هذا الموضوع ، وعرض بعض الأفكار عليه ، وهي التي وردت في حينها ، وتتلخص في سرد بعض المخاطر والأضرار التي تنتج عن حرق السجل العقاري ، غادرت مكتبه وعكفت على إعداد مذكرة ضمنتها عدة نقاط مهمة عما ينتج من حرق السجلات العقارية ، وهي طويلة ولكني أذكر هنا ملخصها في ثماني نقاط جاءت على النحو التالي : -
( أ ) أن السجلات والملفات العقارية تحتوى على وثائق مهمة يمكن الاستفادة منها تاريخيا وعلميا .
(ب) أن السجلات بها عقارات محملة بالرهون لصالح الدولة والمصارف فإذا تلفت فإن ذلك يسبب في ضياع هذه الرهون .
( ج ) المشاكل التي تحدث من جراء الحرق تسبب في كثرة الخصام والتنازع.
( د ) قد تعاملنا الدول الأجنبية بالمثل لوجود أملاك للدولة الليبية خارج ليبية والحرق فيه طمس للملكية تشمل أملاك الدول الأجنبية .
( هـ ) توجد ملكيات في الحدود يمكن الاستعانة بها في الخصومات التي قد تحدث مع دول الجوار .
( و ) الأوقاف التي كانت كثيرة في بلادنا ستضيع من جراء الحرق ويتم الاستيلاء عليها .
( ز ) الأملاك العامة من مبان ومرافق وغيرها والمشغولة من أفراد أو جهات خاصة يمكنهم الإدعاء بملكتيها إذا تم الحرق .
( ن ) في الوقت الذي نطالب فيه الدول الأجنبية باسترداد الوثائق التي نقلت من ليبيا ، بالحرق نقوم بإعدام وثائق تاريخنا التي تعتبر ثروة قومية .
   هذه ملخص النقاط باختصار، ولكني كتبتها في المذكرة بشيء من التفصيل شملت أربع صفحات تقريبا دون أن أذيلها بتوقيعي ، وقدمتها لأمين اللجنة الشعبية العامة للعدل وصورة منها سلمت باليد لرئيس المصلحة ، طلب مني الأمين إحضار ملفات عقارية يستدل بها على النقاط المذكورة ، وفعلا اخترت بعض الكراسات وأرسلتها إليه بالرغم من أن القانون يحظر نقل الوثائق خارج إدارات ومكاتب التسجيل العقاري ، ولكن إذا كانت ستحرق كلها فلا داعي للتشدد من اجل أربع كراسات في الوقت الذي توجد فيه عدد 140000 ، مائة وأربعون ألف كراسة تصديق بالإدارة ، ولو كان الظرف عاديا لما سمحت بإخراجها .

      مرت أيام لم يثر موضوع الحرق خلالها ، وبعد ذلك طلب مني الاخ مفتاح أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل حضور اجتماع لمناقشة الموضوع ( أي موضوع حرق السجلات العقارية ) وعقد الاجتماع في مقر أمانة الإسكان والمرافق ، حيث كان من المقرر أن يحضره أمين اللجنة الشعبية العامة للمرافق والمكلف بالإسكان ( محمد عبيد الشكري ) ولكنه لم يحضر ، وحضره الأستاذ مفتاح كعيبة ومعه عدة أشخاص ، أذكر منهم : عبد اللطيف الدالي ، عمار الطيف ، عمر إشكال ، عز الدين الهنشيري ، وشخص آخر لا أذكر اسمه الآن ، وحضرت معهم لأن أمانة الإسكان كانت قريبة من مبنى السجل العقاري بطرابلس ، ودار النقاش حول أهمية السجل العقاري ، وتركز على النقاط الواردة في المذكرة التي قمت بشرح كل نقطة تفصيلا من أجل تفادي عملية الحرق ، ولكن يتضح أن فكرة الحرق هي التي كانت مسيطرة خاصة على الأخ عمار الطيف الذي أعطى مثالا واضحا ، حيث قال : نريد فتح صفحة جديدة لكل عقار ، ومحو جميع ما يتعلق بالسجلات سابقا ، ومع ذلك فإن مذكرتي أخرت موضوع الحرق حيت تم اتفاق جميع الحاضرين على جمع بعض البيانات التي وردت في المذكرة ، وتأجيل عقد اجتماع آخر لمناقشة الأمر ، وهذه البيانات تتمثل في الحصول على المعلومات التالية : -
( أ ) حصر جميع الكراسات الخاصة بالدول الأجنبية والهيئات الدبلوماسية .
( ب ) حصر الأملاك الخاصة بالدولة الليبية بالخارج ( لدى أمانة الإسكان ) .
( ج ) ملكية العقارات التي تقع في حدود ليبيا .
( د ) حصر العقارات التي توجد عليها رهون بمبالغ كبيرة غير القروض السكنية .
    بعد فض الاجتماع ، نقلت ملخص ما دار فيه إلى رئيس المصلحة وما تم عليه الاتفاق لوضعه في الصورة ، رغم علمي بأنه لا يستطيع أن يفعل شيئا ضد من يريد حرق السجل العقاري ، غير أنني أضعه أمام الأمر الواقع حتى يكون على علم بما يدور بالخصوص ، ولكنه لا يحرك ساكنا ، وفعلا تم توجيه رسالة من أمين العدل للمصلحة بجمع البيانات ، وعم تعميمها على جميع الإدارات بما في ذلك إدارة طرابلس التي أترأسها ، وبدأنا حصر المطلوب في الإدارة والمكاتب التابعة لها ، غير أن العملية كانت كبيرة وأخذت وقتا طويلا ذلك لأن الرهون بلغت الملايين العديدة من الدينارات ، ولكن فكرة الحرق لا تزال قائمة .

[ بعض الجهود من أجل تفادي الحرق ]

     إن أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل غير راض على حرق السجل العقاري ولا يرغب أن تتم في عهده على الأقل ، لذلك سلك طريقين ، الأول : تكليف إدارات ومكاتب التسجيل العقاري بحصر العقارات التي تم تمليكها لشاغليها ، وركز على طرابلس لوجود أكبر عدد من المساكن المملكة فيها ، وتم إدخال تلك البيانات في الحاسب الآلي تمهيدا لجمعها ، الثاني : الاجتماع مع أمين اللجنة الشعبية للإسكان لدراسة موضوع المساكن والحث على تطبيق القانون ، وفعلا تم عقد الاجتماع صحبة رئيس المصلحة والأمينين وعضو اللجنة الشعبية للعدل ببلدية طرابلس ، وحضر الاجتماع أيضا الأخ محمد سعيد المستشار القانوني لأمانة الإسكان ، ومدير إدارة التسجيل العقاري ببنغازي . طلب مني في الاجتماع الأول إعداد محضر بالخصوص ، كما طلب مني الأستاذ مفتاح إعداد دراسة وتقديم اقتراح لحل مشكلة التمليك لأنقاد السجل العقاري من الحرق ، وفي الاجتماع التالي قدمت لهم اقتراحي كتابيا ، وقد تضمن على ما أذكر حاليا : القيام بتسجيل جديد يتم فيه القيد خلال فترة زمنية محددة ، مع بقاء السجلات والملفات السابقة للاستعانة بها في إثبات التسجيلات الجديدة ، وبذلك يمكن القضاء على التلاعب الحاصل ، وتثبيت كل مواطن في سكنه ، وأطلقت على المشروع إعادة تنظيم السجل العقاري ، مقارنة بإعادة تنظيم السجل المدني والاقتراح موجود في أوراقي بطرابلس ، وهو مؤرخ في 17/11/1984 م ، ومكتوب بخط يدي ، نسخت منه بالآلة عددا من الصور وسلمتها للحاضرين الذين حفظوه ولم يكلفوا نفسهم عناء البحث فيه . بعد مناقشات طويلة واقتراحات عديدة ، وصل الحاضرون إلى إخراج فكرة الكتيب السكني ، أو بالأحرى الشروع في تطبيق الكتيب السكني لأنه مقرر أصلا منذ سنة 1980 ، والشروع في تنفيذه بكافة البلديات كوسيلة من الوسائل التي تساعد على تطبيق مقولة البيت لساكنه ، وتقضي على الفوضى الضاربة أطنابها في مجال الإسكان وتم تحرير محضر بذلك والتوقيع عليه من الأمينين ( الإسكان والعدل ) ورفع إلى اللجنة الشعبية العامة  ( مجلس الوزراء ) واتفق على تشكيل لجنة لوضع الخطط والبرامج اللازمة لتنفيذ الكتيب السكني كنت من بين أعضائها ، وكانت برئاسة رئيس مصلحة التسجيل العقاري ، واجتمعت اللجنة ووضعت اقتراحاتها ، وبدأ العمل في اللجنة الشعبية لبلدية طرابلس لتنفيذ الكتيب ، وشكلت عدة لجان لهذا الغرض .

      كنت أخوض في كل هذه الأعمال والمرجع في تفسير ووضع الحلول لكل المشاكل الناتجة عن تطبيق تنفيذ الكتيب السكني ، وعقدنا ندوة إذاعية لشرح كيفية الحصول على الكتيب ، وخلقنا بلبلة في الرأي العام ، وأصبح الكتيب حديث الناس ، وأينما أذهب أجد الناس تسألني والمسؤولين أيضا عن كيفية الحصول على الكتيب السكني ، وإجراءاته وإعداده والهدف منه . . . إلخ ، وأنا أعلم بيني وبين نفسي أنه مجرد ذر الرماد في العيون ، ذلك أن فكرة الكتيب صادرة بقرار من اللجنة الشعبية العامة بتاريخ 31/12/1980 بشأن بعض الأحكام الخاصة بتنظيم إجراءات المساكن وإدارتها ، والجهة المختصة به هي أمانة الإسكان ، فما دخل أمانة العدل والسجل العقاري به ؟ ، ولكني أعلم حقيقة الأمر . ذلك أن الأستاذ مفتاح كعيبة أراد من هذه التظاهرة لفت النظر لعملية الحرق وإبعادها قدر الإمكان عن السجل العقاري ، وأنا أساعده في ذلك خوفا على هذه الوثائق التي أصبحت جزءا مني بالرغم من حداثة عهدي بها ، ولذلك سخرت كافة إمكانياتي لإنجاح الكتيب ، وأشركت موظفي السجيل العقاري بطرابلس في اللجان التي شكلت لهذا الغرض ، وهي لا تخلو من فائدة لو نجحت ، فهي على الأقل كانت ستقضي على التلاعب الذي يقوم به أصحاب النفوذ وضعاف النفوس الذين يرغبون في الاستيلاء على مساكن الغير دون وجه حق حيث يطلبون مساكن وبعد تخصيصها لهم يتصرفون فيها ، وتباع لهم بأرخص الأسعار ولكنهم يبيعونها بأضعاف ذلك ، وهؤلاء لا يرغبون في الكتيب لأنه سيضبط وضعهم السكني ومن ثم لم يعد في إمكانهم التلاعب .

      سار الأمر على هذا النحو ، وأصبحت في هذه اللجان نجم الشاشة ، شغلت كل وقتي مساءا وصباحا ، لم يعد لي هم إلا العمل في الصباح والاجتماعات في المساء خاصة وقد أنهيت دراستي العليا ونوقشت رسالتي في كلية التربية خلال شهر يوليو 1984 م ، فأصبحت متفرغا للمشاكل الناتجة عن الكتيب السكني ، ومع ذلك كتبت بعض المقالات حول أهمية الوثائق ، أو موضوعات استمدت من الرسالة ، واستمر العمل في لجنة التظلمات بنفس الكيفية السابقة ، تظلمات تقدم باستمرار واللجان تجتمع وقرارات تصدر أحيانا برفض التظلم وأحيانا بقبوله وإلغاء التمليك ، وكنت أعقد جلسات اللجنة كل يوم أحد ، وكنت من بين اللجنة الذي يوجه الأسئلة ويجري التحقيق مع الخصوم باعتباري رئيس اللجنة ، أما بقية الأعضاء فقلما يشتركون في ذلك ، وكان يقوم بوظيفة كاتب اللجنة الأخ عادل عبد الرحيم وهو مصري ، فكان ينبه كثيرا إلى بعض الأسئلة لأنه أخبر منا في أعمال الشهر ، هذه هي الحقيقة ، وبالنسبة لي كانت أول تجربة في العمل القضائي رغم أن عمل اللجنة يكتسي طابعا إداريا وليس عملا قضائيا ، ولكن مع طول مدة عمل اللجنة اكتسبنا مرانا كافيا . الجدير بالذكر أن بعض المواطنين غير راضين عن عملية تمليك المساكن طبقا لمقولة البيت لساكنه ، حسبما صرحوا بذلك أمام اللجنة ، وأقصد بذلك من كانوا شاغلين لمساكن غيرهم وفرض عليهم التمليك ، نجد أحيانا أن بعضهم بمجرد علمه بالطعن المقدم من المالك الأصلي حتى يصرح بموافقته على إعادة العقار لمالكه ، وعندما أسأله عن السبب ؟ ، يقول : إنه لم يسترح نفسيا في المسكن ، لأنه يعلم بأنه ليس ملكه وأنه مغصوب ، وقال بعضهم : إن والده رفض القيام بزيارته في البيت المملك خوفا من أداء الصلاة في مسكن مغصوب  ونحن لا ندرج هذه العبارات في المحاضر لاعتبارات لا تخفى على القارئ حينذاك ولكننا نلتمس السبيل بوضعها في قالب قانوني ، ونقرر إلغاء التمليك وإعادة العقار لمالكه الأصلي ، ولذلك استمرت الضغوط تمارس ضدي من أصحاب النفوذ وخاصة من اللذين تملكوا مساكن غيرهم ، ولكنني لا أحيد عن الحق .

     وأذكر بعد أن حضرت إلى المغرب في فبراير 1985 م ، وقدمت أوراقي إلى كلية العلوم القانونية ، فلم أتحصل وقتها على قبول ، فرجعت عاجلا إلى طرابلس وتم تعيين الأستاذ محمد الزوي وزيرا مقيما بالمغرب – وهو لا يزال باقيا – كان أحد معارفه غازيا لمسكن وقام بتملكه بموجب المقولة ، فتظلم صاحبه من قرارا التمليك أمام اللجنة التي أترأسها ، وهو صغير السن قام والده بهبة المسكن له في عام 1977 ، أي قبل صدور القانون رقم 4 لسنة 1978 م ، وبعد التحقيق وعرض الأمر على اللجنة ، تم إلغاء تمليك شاغل العقار، وأعيدت الملكية لذلك الشاب ، فهو صحاب الحق فيه ، غير أن المعني بالأمر شكاني إلى الزوي ، وهو وزير العدل آنذاك ، فاستدعاني فذهبت إليه وشرحت له الأمر من الناحية القانونية فاقتنع على ما يبدو ، ولكن ذلك الشخص ظل محاولا معي ، ويتردد علي أحيانا لأنه لم يترك المسكن لصاحبه ، ويطالب بإعادة التمليك من جديد ، فأنصحه باللجوء للقضاء للطعن في قرار لجنة الفصل في التظلمات ، ولكن دون جدوى .

(( إن ما قدم من طلبات لتمليك المساكن من قبل شاغليها لا يتجاوز 7028 طلبا على مستوى الإدارة بطرابلس ومكاتبها في أبي سليم وتاجوراء وجنزور وسوق الجمعة والقربولي ، وقصر بن غشير ، خلال مدة تقارب خمس سنوات ، وهذا يعطي مؤشرا على عدم قبول أغلب المواطنين لمقولة البيت لساكنه ، وما ذكره بعضهم يدل على تغلل الدين في عقلية المواطنين الليبيين ، وتمسكهم بالشريعة الإسلامية )).

    جاءني في أحد الأيام لنفس الغرض ، وقال لي بأنه ذاهب إلى المغرب وعرض علي خدماته ، فطمعت أن يقدم لي خدمة لأجل العلم ، وهي أن يحاول الاتصال بالشؤون الثقافية بوزارة الخارجية المغربية للاستفسار عن موضوع استكمال تسجيلي في كلية الحقوق لغرض مواصلة الدراسة العليا ، فقال لي بالحرف الواحد : إذا أتممت لي موضوعي ( يقصد تمليكه للعقار الذي سبق وأن ألغينا تمليكه له ) فإنني أتعهد باستكمال إجراءاتك في المغرب ، قال ذلك لأنه صديق للزوي وسوف يستغل ذلك من أجل إنجاز الموضوع ، فأجبته على الفور بأنني أرغب في الدراسة للحصول على دكتوراه الدولة في القانون الخاص ، وما فائدة هذه الشهادة إذا كنت سأخالف بها القانون ، لا وفقني الله إن فعلت ذلك ، فذهب إلى حال سبيله ، هذا الشخص يدعى علي الأمجد رأيته أكثر من مرة يخطب في التلفاز خطبا ثورية لا أذكرها الآن ، فهو من العناصر الثورية المهمة على ما أعتقد [ وقد أخطأت في طلبي من هذا الشخص أن يقدم لي خدمة ] .

      سارت الأمور على هذا النحو ، وأنا في هذا الخضم وسط العمل بإدارة التسجيل العقاري والمكاتب التابعة لها ، ومتابعة مشاكلها العديدة ، والكتيب السكني ولجانه واجتماعاته ، وزادني هما قيام المؤتمر الشعبي الأساسي بإشراكي في مسؤولية المنطقة وطلبهم المساهمة في بعض الأنشطة العلمية والاجتماعية فلم أعد أملك من وقتي دقيقة أخصصها لأسرتي وأبنائي أو الالتفات إلى نفسي ، فمهما أوتي البشر من قوة فهو عاجز عن إرضاء الجميع ، فرضاء الخلق للخالق ، وأنا في هذا الأتون لا أسلم من الخطأ أو الغفلة ، وجل من لا يخطئ ، وعادت عليّ هذه المشاكل بسقوط أبنائي في الدراسة لعدم الاهتمام بهم ، ولم أشأ أن أتدخل – مثل غيري – مع إدارة المدرسة لتعديل النتيجة ، ورضيت بالأمر الواقع ، فطلبت من الله الخلاص من هذه الحالة ، فكانت وسيلتي هي الدراسة ، وهذا ما كنت أفكر في تحقيقه فأحصل على تفرغ ، فارتاح من مشاكل السجل العقاري .

     هداني تفكيري إلى الولوج في السلك القضائي ، فوظيفتي لا تزال إدارية رغم ما فيها من عمل قانوني وفصل في بعض المنازعات – كما سلف القول – فتقدمت إلى إدارة التفتيش القضائي بطلب الالتحاق بإحدى الوظائف القضائية ، فإذا وفقت في الحصول على التعيين بسلك القضاء ، فسألتحق به وأترك العمل في التسجيل العقاري ، فالعمل به محرقة ، عطاء مستمر وجهود كثيرة دون تقدير ، فالنقد أكثر من الشكر ، والنعوت وأصابع الاتهام ليس لها حدود ، وللأمانة وجدت رجلا قدرني واحترمني وشجعني ، وهو الأستاذ مختار ديرة أمين اللجنة الشعبية لبلدية طرابلس ، فقام بإعداد مذكرة للجنة الشعبية العامة لترقيتي ، لأنني كنت أشغل وظيفة تعلو وظيفتي بدرجتين ، درجتي هي العاشرة وأشغل وظيفة درجتها الثانية عشرة ، لا زلت أذكر بعض عباراته في المذكرة التي قام فيها بتعديد جهودي وخدماتي وما قدمته من أعمال ، حيث جاء فيها " إن أقل ما يكافأ به هذا الرجل هو ترقيته إلى الدرجة الحادية عشر " كما شجعني أيضا على مواصلة طلب العلم ، فعن طريقه تحصلت على قرار بالإيفاد إلى المغرب لطلب الالتحاق بالجامعة .

[ محاولة أخيرة لانقاد التسجيل العقاري من الحرق ]

     أما الشخص الآخر الذي اعتز بمعرفته ، فهو الأستاذ محمد الزروق رجب، فعندما أخبرني الأستاذ مفتاح كعيبة عن تداول فكرة حرق السجل العقاري ، وعقد الاجتماعات التي أشرت إليها سابقا ، كنت متذمرا من تنفيذ هذه الفكرة ، وتناولت الحديث مع بعض المسؤولين مبديا امتعاضي منها مبينا الأضرار الناتجة عنها وكان من بينهم الأخ عبد العاطي شمبس وكيل وزارة المرافق ، فقال لي سأذهب في هذه الليلة إلى الأستاذ محمد الزروق في مسكنه ، فهل تذهب معي لننقل له ما يدور حول الحرق ، فوافقته وذهبت معه ، وأدليت بما لدي حول السجل العقاري وأهميته ووثائقه والمضار التي تحدث من جراء حرقه ، فما كان منه إلا أن تحمس لمعالجة الموضوع ، وصرح لي بأنه سوف يجري اتصالاته ، وأن هذا الأمر لن يتم بعون الله . اتصل بي في اليوم التالي أو الذي بعده ، من مكتبه في اللجنة الشعبية العامة  ليبلغني بأن الأمر لن يتم ، أي أن حرق السجل العقاري تم العدول عنه فشكرت له صنيعه وحمدت الله على ذلك ، وقد شجعني أيضا على الدراسة العليا وأتاح لي فرصة السفر في المرة الأولى لتقديم أوراقي للجامعة ، ثم بعد رجوعي من المغرب يوم22/10/1985 ، حيث أنجزت عملية القبول في كلية العلوم القانونية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء ، وتحصلت على رسالة القيد منها وتسجيل موضوع الأطروحة والأستاذ المشرف .

       بدأت التفكير في التخلص من وظيفة مدير إدارة التسجيل العقاري والتوثيق في طرابلس بعد أن تحصلت على قبول من الجامعة المذكورة ، فكان همي التفرغ للدراسة ، فالمشاكل لا تزال مستمرة والأوضاع لم تتحسن في العمل ، لا من حيث الخدمات أو القضاء على المنازعات ، وإلى ذلك التاريخ والقضاء لا يزال يصم أذنيه عن التصدي لقرارات لجان الفصل في التظلمات من تميلك العقار وفقا للقانون رقم 4 لسنة 1978 م ، وحتى محكمتنا العليا بجلالة قدرها لم تقم بإرساء مبدأ ينير لنا الطريق ، وكان أمين اللجنة الشعبية للعدل بطرابلس في ذلك الوقت هو الدكتور ميلود المهذبي أستاذ في كلية القانون ، أذكر أنه قال لي ذات مرة : إن عام 1985م سيكون عاما حاسما بالنسبة لي ، وقد قال هذه العبارة بمناسبة تعييني في السلك القضائي بعد نجاحي في مسابقة أعدت بالخصوص وصدور قرار بموجب أصبحت محاميا بالدرجة الأول في إدارة القضايا ، وهذه الوظيفة هي التي أشغلها حاليا ، وفي نفس الوقت صدور قرار من اللجنة الشعبية العامة بترقيتي للدرجة الحادية عشرة في وظيفة إدارية . تقدمت بطلب إلى أمين اللجنة الشعبية للعدل ببلدية طرابلس أوضحت فيه حصولي على موافقة كلية العلوم القانوني بجامعة الحسن الثاني لتحضير درجة دكتوراه الدولة في القانون الخاص ، وبينت رغبتي في التفرغ للدراسة ، وتاريخ هذا الطلب هو 4/11/1985 م (1) وكنت قبل أيام أقسمت اليمين أمامه لتولي وظيفة محامي بإدارة القضايا ، وصرت بعد ذلك أبحث عن شخص أرشحه لتولي وظيفة مدير إدارة التسجيل العقاري بطرابلس ، ذلك أنني أقسمت اليمين وذهبت إلى إدارة القضايا بمجمع المحاكم وباشرت عملي شكليا ، ومن ثم لا يجوز لي القيام قانونا بوظيفة مدير الإدارة ، ولكن الأمر يستدعي توفير بديل يشغل الوظيفة وإجراء عملية تسليم واستلام ، وأمين اللجنة الشعبية للعدل بطرابلس على علم بذلك، وكذلك رئيس فرع إدارة القضايا الأستاذ محمد دحيم .


يتبع في الحلقة اال الخامسة ن شاء الله
[ حانت ساعة حرق السجل العقاري ]